الأربعاء، 13 فبراير 2008

شيء قديم

الليلة
تعالى صوت الهمس شيئا فشيئا، ليصبح حوارا بينهما، هو وهي، هي أو هو.
- "كيف ذلك؟ انه لغريب، إلا أنني دوما ما أعجبت بمن يؤمنون بقدسية ممارسة الجنس بعد الزواج..."
- "كلا ليس الأمر كذلك أبدا."
- "كل اللمسات هي تمهيدية، فقط هكذا أجد متعتي... كيف تصلين ذروتك؟ ماذا عن صديقك؟ ألم تفكرا أبدا؟"
وجدت صعوبة جارفة بالكلام، بالتفوه بشيء ذو معنى، وخيل لها أنها تتقلص لتبلغ حجم الإصبع، تختفي عن نظراته المتعجرفة، ألم يدري ما الذي يقوله، ما الذي يفعله بها الآن... خيل لها أنه عالم لم تعرفه يوما، وكل ما عرفته لا يطال ليشكل أكذوبة بعيدة المدى. وتمتمت بعدم ثقة واضح:
- "لم نفكر في ذلك، الأمر أخافني، لم أعتاد الفكرة يوما، مجرد خوف من المجهول."
ما الذي يفكر به، كل معاييرها أخذت تدنو لتعود وتلتصق بجسدها، العاري تماما، وتمنت لو عادت بضعة دقائق إلى الوراء، لكانت فضلت النوم. لكنه استطرد حديثه، غير مكترثا لأمرها:
- "قطعت عهدا على نفسي بألا أضاجع عذراء، ليست مسؤوليتي التي مستعدا لتحملها، أنا متمرس في الجنس أمارسه كل ليلة، بكل وضعياته. لن أكون أول من تنامين معه الليلة!"
أوه..لقد أبحرت بعيدا يا أنت! قالت لنفسها، صحيح أنها معجبة به لدرجات قصوى، تشتهيه، تريده بغزارة، إلا أنه قطع كل الحدود، ظنت مجددا أنها ليست هي وأنه ليس هو، جنت، أزعجها كلامه، لكنها غاضبة من نفسها، تبعثرت كل أفكارها وأجابته بموافقة تامة، اتفقت معه كما اعتادت أن تفعل معه بالذات، تتلعثم بأنفاسها.
هي بالطبع لن تنام معه الليلة، لكنها خسرت جزءا منه، شعرت بالأسى على حالها، وسرعان ما التقطت أذنيها ذبذبات صوته:
- "لتعلمي، أنها خسارة لنسل ادم أجمعين! ... أنت لا تعرفين ما الذي تحرمينه من نفسك ومني"
استغرق في النوم العميق، مستلقيا على ظهره.
لم تغلق جفنا..علقت نظراتها في الظلام..شعرت بالبرد وتمنت لو احتضنها فقط الآن، وكرهت نفسها لما تتمناه ولتعلقها الزائد بهذا الشاب، الذي يحدّ كل ما هي عليه من جرأة، انفتاح ومرح بحضوره، يجعلها خاضعة لما يفعل ولما يقول، كأنها تشاهد بطلا سينمائيا، تترقبه ساكنة دون حراك. شتمته ولم تفهم كيف أدخلته إلى حياتها، إلى أفكارها وذاكرتها.
هي تعرف أنها إن تمعنته بموضوعية ما، لكانت أكثر ذكاء... ولكن منذ متى يتحلى الحب بالموضوعية؟ ومما يستدعي القلق أكثر.. منذ متى تؤمن هي بالحب؟

هناك تعليق واحد:

ALMGHBON يقول...

إنه أنا، كأيِّ أنا في هذا الغموض الوجودي… إنسان مدجج بالغرائز، وملقّنٌ بمبطلاتها… أراني أفتش عن خبايا جسد حبيبتي في دفتر الخرائط تارةً، وأراني عارياً منهكاً على سرير الغريبة تارة أخرى… فهل سيقتصر دوري على ترجيح إحدى المتضادتين؟ أم أني أملك من المكتسبات ما يؤهلني لأقتحم الهواجس جرحاً وتعديلاً؟

تحت كمان شوى



وتذكّر أن قلبك هو المستهدف في كل يوم يُضيَّق الحصار فيه على حبيبتك كي لا تأتي لموعدك… فأنت لها وإن فقدت وسائل الوصول والإتصال،


كمان تحت



يتطلب الأمر مني أن أكون إلهاً زاهداً عن لهفة العبادة، ومتسامحاً إلى حد الإعتراف بالفشل…

فهل سأنجح في ترتيب إنفعالاتي بهيئة نيرفانا دالَّة على وجودي… أو أن أقحم نفسي في حروب تحريرية مع آلهة الصدق، الحب، الجمال… وحتى مع إله الشوق،

رافع ابو رحمة

سكون غريب يسود المكان